موضوع: عقيدتنا في الدعوة إلى الوحدة الاسلامية 15/8/2008, 20:48
عرف آل البيت عليهم السلام بحرصهم على بقاء مظاهر الاسلام، والدعوة إلى عزّته، ووحدة كلمة أهله، وحفظ التآخي
بينهم، ورفع السخيمة من القلوب، والاَحقاد من النفوس. ولا يُنسى موقف أمير المؤمنين عليه السلام مع الخلفاء الذين سبقوه، مع توجّده
عليهم، واعتقاده بغصبهم لحقه، فجاراهم وسالمهم، بل حبس رأيه في انّه المنصوص عليه بالخلافة؛ حتّى أنه لم يجهر في حشد عام
بالنصِّ إلا بعد أن آل الاَمر إليه، فاستشهد بمن بقي من الصحابة عن نص الغدير في يوم الرحبة المعروف
وكان لا يتأخّر عن الاشارة عليهم فيما يعود على المسلمين أو للاِسلام بالنفع والمصلحة، وكم كان يقول عن ذلك العهد:
«فَخَشِيتُ إنْ لَمْ أَنصُر الاِسلامَ وَأَهلَهُ أَنْ أَرى فِيهِ ثَلْماً أو هدْماً». كما لم يصدر منه ما يؤثِّر على شوكة ملكهم، أو يضعف من سلطانهم،
أو يقلِّل من هيبتهم، فانكمش على نفسه وجلس حلس البيت،بالرغم ممّا كان يشهده منهم. كل ذلك رعاية لمصلحة الاسلام العامة، ورعاية
ن لا يرى في الاسلام ثلماً أو هدماً، حتى عرف ذلك منه، وكان الخليفة عمر بن الخطاب يقول ويكرّر القول: (لا كنت لمعضلة ليس لها
أبو الحسن) أو (لولا علي لهلك عمر). ولا يُنسى موقف الحسن بن علي عليه السلام من الصلح مع معاوية بعد أن رأى أنّ الاصرار على الحرب سيديل من
ثقل الله الاَكبر،ومن دولة العدل، بل اسم الاسلام إلى آخر الدهر، فتمحى الشريعة الاِلهية، ويُقضى على البقية الباقية من آل البيت، ففضَّل
المحافظة على ظواهرالاسلام واسم الدين، وإن سالم معاوية ـ العدو الاَلد للدين وأهله، والخصم الحقود له ولشيعته ـ مع ما يتوقّع من
الظلم والذل له ولاَتباعه، وكانت سيوف بني هاشم وسيوف شيعته مشحوذة تأبى أن تغمد دون أن تأخذ بحقّها من الدفاع والكفاح، ولكن
مصلحة الاسلام العليا كانت عنده فوق جميع هذه الاعتبارات.
وأمّا الحسين الشهيد عليه السلام فلئن نهض فلاَنّه رأى من بني أُمية إن دامت الحال لهم ولم يقف في وجههم من يكشف
سوء نيّاتهم، سيمحون ذكر الاسلام، ويطيحون بمجده، فأراد أن يثبت للتاريخ جورهم وعدوانهم، ويفضح ما كانوا يبيّتونه لشريعة
الرسول، وكان ما أراد. ولولا نهضته المباركة لذهب الاسلام في خبر كان يتلهّى بذكره التأريخ كأنّه دين باطل. وحرص الشيعة على تجديد ذكراه بشتّى أساليبهم إنّما هو لاتمام رسالة نهضته في مكافحة الظلم والجور، ولاحياء أمره امتثالاً لاَوامر الاَئمة من بعده.صحيح
أنّ من خلق الرجل المسلم المتّبع لتعاليم آل البيت عليهم السلام يبغض الظلم والظالمين، والانكماش عن أهل الجور والفسوق، والنظرة
إلى أعوانهم وأنصارهم نظرة الاشمئزاز والاستنكار، والاستيحاش والاستحقار، وما زال هذا الخلق متغلغلاً في نفوسهم يتوارثونه جيلاً
بعد جيل، ولكن مع ذلك ليس من شيمتهم الغدر والختل، ولا من طريقتهم الثورة والانتفاض على السلطة الدينية السائدة باسم الاسلام؛ لا
سراً ولا علناً، ولا يبيحون لاَنفسهم الاغتيال أو الوقيعة بمسلم مهما كان مذهبه وطريقته؛ أخذاً بتعاليم أئمّتهم عليهم السلام. بل المسلم الذي