تأمل وتدبر
والكلام الذي ينبغي التأمل عنده هو:
من
هؤلاء الإثنا عشر؟
والجواب المقنع الحاسم، الذي لا يقبل
النقاش: إنهم هم الذين سماهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحاديث أخرى
بأسمائهم وهم: علي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين
(السجاد) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم)
وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمد (الهادي) والحسن بن علي
(العسكري) والحجة المهدي (القائم)
من هم غير العترة؟
أضف إلى
ذلك:
أن غير هؤلاء لا تجد اثني عشر خليفة (آخرين) يعتقد بهم جميعاً حتى طائفة من
المسلمين فكيف بالمسلمين بجميع طوائفهم
ومذاهبهم.
وكيف؟
الجواب:
أما (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) فهم أربعة فأين الثمانية الآخرون؟
بنو أمية ومروان
وأما بنو أمية وبنو مروان فهل
يمكن أن يوصي بهم النبي (صلى الله عليه وآله)؟
وهل يمكن أن يعينهم الرسول (صلى الله عليه وآله) خلفاء له؟
كلا.. وألف
كلا؟
لأنهم هم الذين ارتكبوا أفظع المآثم، وأشنع الجرائم بحق آل النبي (صلى الله
عليه وآله) وبحق المسلمين، وصفحات تاريخهم مسودة في كل مكان.
فهذا معاوية وقوله
لما ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) وشهادة الرسالة في الأذان:
لا والله سحقاً
سحقاً، لا والله دفناً دفن(1).
وهذا يزيد بن معاوية وقتله للحسين ابن بنت رسول
الله (صلّى الله عليه وآله) والخيرة الطيبين من أهل بيته، وأخوته، وأنصاره، وسبيه
لبنات الرسالة، وعقائل النبوة، كأنهم نساء المشركين والكفار
.
وذلك إنكاره لله، وللقرآن،
وللوحي، وللنبوة، وللمعاد حيث يقول:
لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل(2)
والمقصود، بـ (هاشم)
وهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وتعبيره عن النبوة بـ (الملك).
وهذا
(الوليد) المرواني يمزق القرآن بالسهام وينشد يخاطب القرآن:
تهـــــدد كـــــــل
جبار عنيد *** فــــها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر *** فقل يا ربّ
مزّقني الوليد(3)
وهكذا دواليك.
ضع يدك على كل واحد منهم تجده تجسيداً للرذائل والكفر والفسق، والظلم.
(ثم) أليس بنو أمية ومروان الذين رآهم الرسول
(صلّى الله عليه وآله) (قردة) ينزون على منبره، فساءه ذلك، فنزل قوله تعالى: (وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (4).
ثم أليس بنو أمية ومروان هم
الذين وصفهم القرآن الحكيم حين قال: (والشجرة الملعونة في القرآن) (5).
فقد أخرج
الخطيب البغدادي في تاريخه وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن عمر بن الخطاب أن
الشجرة الملعونة هم بنو أمية(6).
فهل هؤلاء خلفاء النبي (صلّى الله عليه
وآله)؟
بنو
العباس
(وأما
بنو العباس) فهل هم يصلحون للخلافة؟
وهل يمكن أن يوصي بهم النبي (صلّى الله عليه
وآله)؟
ومن هم؟
هل هم الذين كانوا يتقاتلون على الملك؟
ويقتل بعضهم
بعضاً؟
ويقتل الأخ أخاه على الملك؟
(أم) قتلة أولاد النبي (صلّى الله عليه
وآله) وأحفاده، وذرية الرسول (صلّى الله عليه وآله)، علماء الأمة، وزهادها من
أمثال:
(موسى بن جعفر الكاظم).
(وعلي بن موسى الرضا).
(ومحمد بن علي
الجواد).
(وعلي بن محمد الهادي).
(والحسن بن علي العسكري).
هل قتلة هؤلاء
هم خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله).
وهم الذين كانوا يشربون الخمر، ويلعبون
القمار، ويقتلون النفس المحترمة وصفحات تواريخهم مليئة بالمخازي والمساوئ؟
فكيف
يكونون خلفاء الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟
وكيف يمدحهم الرسول بأن عصرهم
خير؟(إذن) فمن هم
خلفاء الرسول؟
الجواب: ليسوا سوى الأئمة الاثني عشر، عترة النبي (صلّى
الله عليه وآله) الذين نص عليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لجابر بن عبد الله
الأنصاري(7)، وسلمان، ولغيرهما أيضاً.
قصة طريفة
وهنا ننقل قصة طريفة
عن (الهند):
يقال: أن أحد (الرجوات) في الهند وكان ممن لا يعتقد بإمامة الأئمة الاثني
عشر من عترة رسول (صلى الله عليه وآله)، سمع بحديث النبي (صلى الله عليه وآله)
المتواتر:
(الخلفاء بعدي اثني عشر).
فبحث عن أسمائهم، وأعيانهم، لكي لا يموت ميتة
جاهلية دون أن يعرف خلفاء الرسول (صلى الله عليه
وآله).
فأرسل
إلى علماء المذاهب الأربعة (الأحناف) و (الحنابلة) و (الشوافع) و (الموالك) وجلبهم
في غرفة أخرى.
ثم جلبهم واحداً واحداً إلى (غرفته) الخاصة.
من الاثنا عشر الأئمة؟
فسأل
أحدهم:
هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
(الخلفاء بعدي اثنا
عشر)؟
نعم، إنه حديث متواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
من هم هؤلاء
الاثنا عشر؟
جعل يردد: أبا بكر، عمر، عثمان، علي، معاوية. توقف.
الراجا:
هؤلاء خمسة ثم من؟
العالم: ثم عبد الملك بن مروان.
الراجا: فهذا السادس ثم
من؟
العالم: ثم عمر بن عبد العزيز.
الراجا: فهذا السابع، ثم من؟
العالم:
ثم أبو العباس السفاح، ثم المنصور، ثم هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المأمون. فهؤلاء
اثنا عشر.
الراجا: اكتب أسماءهم لي في ورقة احتفظ بها.
والعالم
ـ بدوره ـ كتب الأسماء الاثني عشر في ورقة
بهذا الترتيب:
(أبو بكر، عمر، عثمان، علي).
(معاوية، عبد الملك بن مروان، عمر بن عبد
العزيز، السفاح).
(المنصور، هارون، الأمين، المأمون).
وشكره الراجا، وودعه،
وأكرمه.
ثم جلب (الراجا) عالماً منفرداً آخر إلى (غرفته).ووجه إليه نفس السؤال:
هل صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) قال: (الخلفاء بعدي اثنا عشر)؟
العالم: نعم ورد ذلك مستفيضاً عن النبي
(صلى الله عليه وآله).
الراجا: تفضل علي
بأسمائهم.
العالم:
أسرع في الأربعة الأولى.
(أبو بكر، عمر، عثمان، علي).
الراجا: ثم من؟
العالم: ـ في
تلكؤ وتأمل ـ: ثم عمر بن عبد العزيز.
ثم من؟
ثم المنصور.
ثم من؟
ثم
هارون الرشيد، ثم الأمين، ثم المعتصم.
فهؤلاء تسعة، ثم من؟
ثم المعتمد، ثم
المستعين، ثم المتوكل.
... فهؤلاء اثنا
عشر..وودع (الراجا) العالم الثاني ليطلب عالماً ثالثاً،
ويوجه إليه نفس السؤال، وإنما هو كالعالمين السابقين يتلعثم، ويذكر بعد (أبي بكر،
وعمر، وعثمان، وعلي) ثمانية من بني العباس، ويترك ذكر بني أمية وبني مروان إطلاقاً
حتى عمر بن عبد العزيز، ويترك المعتمد، والأمين، ليذكر مكانهما المأمون،
والهادي.
(وهكذا) جعل الراجا يطلب واحداً واحداً منهم، ويسأله عن أسماء
الأئمة الاثني عشر، وكل واحد منهم يذكر أسماء غير ما قاله الآخرون، ثم يطلب منه
كتابة الأسماء على ورقة.
ثم جمع الأوراق وإذا واحدة منها لا تطابق الأخرى ثم دعا العلماء مرة أخرى
جميعاً، وقال لهم: ما هذا التناقض في أقوالكم، وكيف لا تعرفون معنى حديث متواتر عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أعلن لهم إني سأترككم كلكم،
وأتمسك بعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن علماءهم لا يختلفون في أسماء
أئمتهم الاثني عشر.
وكلهم من زمن النبي (صلى الله عليه وآله) حتى
اليوم يعرفون أسماء أئمتهم.
(وهكذا) انتهى المجلس دون أن يكون لأحد من أولئك
العلماء رد مقنع لذاك (الراجا) الهندي.
منقول